23‏/10‏/2012

أريد أن أقرأ.. ولا أستطيع



أريد أن أقرأ، ولكن … 


كم مرة قلت هذه العبارة..؟ وكم مرة سمعتها من أصدقائك وأقربائك..؟



عدد لا بأس به من الأصدقاء قالوها لي، وسألوني إن كانت هناك وصفة سحرية تعينهم على القراءة، سأحاول البحث معهم عن هذه الوصفة بالإجابة عن هذه الأسئلة


 لماذا أقرأ..؟ ماذا أقرأ..؟  متى أقرأ، وأين..؟ كيف أقرأ، وأستفيد مما قرأت ولا أنساه..؟!



لماذا أقرأ..؟


“اقرأ” كلمة يجدر بها أن تكون شعار حياتنا، كيف نفاخر بين الأمم أن أول كلمة أوحي بها لنبينا الأمّي هي كلمة “اقرأ” ونحن لا نقرأ، وبتنا أمّيين ثقافيًا..!!


“اقرأ”.. فتغيّر بعدها العالم.. نحن نقرأ.. لنتغير، لأن التغير هو سنة الكون.


البعض قد يقول: أخشى أن أقرأ فأتأثر سلبيا بسبب بعض الأفكار الخبيثة في الكتب (كما يقال يدسون السم بالعسل).. الجواب ببساطة: إذا كنت لا تقرأ فأنت أول من يتجرع هذا السم..! اقرأ لتكوّن لعقلك حصانة يستطيع من خلالها التمييز بين السم والعسل.. ولا يمكن لأحدهم أن يخدعك..


والبعض الآخر يقول أخشى أن أقرأ فيعتزلني أقراني، فالقارئ من وجهة نظره شخص معقد منغلق على ذاته، يرتدي النظارة السميكة ولا يتسطيع الاندماج مع أبناء مجتمعه..!! القراءة لا تعزلك عن الآخرين إلا إذا اخترت أنت ذلك! اقرأ حتى تساهم في تغيير النظرة السلبية عن القارئ العربي، الذي لا يقرأ سوى دقائق معدودة حسب إحصائية مازالت تنشر في الشبكات الاجتماعية، ولم نستفد منها سوى التحسر على وضعنا مقارنة بغيرنا من أفراء العالم المتقدم.. ماذا لو أمسكت كتابا وبدأ بقراءته بدل هذا التحسر الذي يزيد الأمور سوءًا..!!


وقبل البدء أقول لك -عزيزي القارئ- بصراحة، القراءة ليست عملية سهلة وممتعة دائما..! لن أكذب عليك وأرسم لك عالما ورديًا لتحب القراءة.. وأقول لك بأنها إحدى الهوايات التي قد يمارسها البعض وتسقط عن الباقين؛ كالسباحة وجمع الطوابع.. القراءة ضرورة، وهي كالرياضة.. عملية شاقة تحتاج منك لبعض المران حتى تعتادها..


فنحن نقرأ لأننا نحتاج للمعلومات وللمعرفة دائما.. المعلومة التي تصلنا من المتخصصين والباحثين، المعلومة التي قد لا نجدها سوى في الكتب والمجلات العلمية والثقافية، وأحيانا في الأفلام الوثائقية. من أراد أن يجمد عقله يستطيع الاكتفاء بما ينقله له الآخرون حسب فهمهم. وهذه المعلومات والمعرفة متعددة المجالات.. فأنت تحتاج لأن تقرأ في الدين، والتاريخ، والسياسة، والفلسفة، وعلم الاجتماع، وغيرها.. مثلما تحتاج القراءة في مجال تخصصك وعملك أو المجال الذي يستهويك أكثر.. (وفي هذا إجابة لسؤال لماذا أقرأ؟) كما أن القراءة قد تكون للتسلية والمتعة، وزيادة الحصيلة اللغوية، كقراءة بعض الروايات والدواوين الشعرية، فهي قد تكون معرفة وتاريخ لكن جيئت بقالب مسلّي.


متى أقرأ، وأين..؟


أنت وحدك من يستطيع الإجابة عذى هذا السؤال، بعد أن تعرف الأوقات التي يكون فيها تركيزك مرتفعا، ويمكنك القراءة بلا تعب. خصوصا إذا كان كتابا يحتاج منك بعض التركيز والانتباه. وكذلك بالنسبة للأماكن؛ فالبعض منا قد يتأثر بالضوضاء فلا يستطيع التركيز إلا في مكان هادئ تماما، بينما الآخر يمكنه القراءة في مقهى أو في محطة انتظار.. وجميل أن تحاول القراءة في أي مكان، حتى تتمكن من استغلال دقائق الانتظار الكثيرة التي قد تمر بك.. يمكنك في بعض الأحيانا إنهاء كتاب كامل في غرفة انتظار في مشفى مثلا..! أو في الطريق للعمل (بالنسبة للسيدات السعوديات خاصة)، فلا تضيّع هذه الفرصة. لذلك من المهم أن تحتفظ بكتب في سيارتك أو في حقيبتكِ، ولا تنسَ الكتب أثناء السفر..



كيف أقرأ، وأستفيد مما قرأت ولا أنساه..؟!


قد يكون هذا السؤال هو الأهم، ويُعرف بـ الطقوس القرائية التي تختلف من شخص لآخر.. ولكني سأحاول كتابة بعض ما أقوم به، وأسعد باستقبال المزيد من الطرق التي تعيننا على الاستفادة مما نقرأ.


- يمكنك وضع جدول شهري لقراءاتك، لنقل كتابين أو أكثر (حسب قدرتك واستطاعتك، ولا تحمل نفسك أكثر مما تستطيع ثم تترك القراءة تماما إذا فشلت في تحقيق الهدف الضخم). واحرص على تنويع الموضوعات والمؤلفين.


- خصص لنفسك فترة زمنية للقراءة، نصف ساعة يوميًا مثلا، والتزم بها لتكون القراءة إحدى عاداتك، وتتمكن لاحقًا من زيادة هذه الساعات حسب جدول أعمالك.


- ابدأ بقراءة الكتب السهلة القصيرة، كالمقالات، والقصص القصيرة، واسأل أصدقاءك القراء عن الكتب التي تكون مناسبة للبدء فيها (وقد أتحدث في تدوينة منفصلة عن مثل هذه الكتب لاحقًا).. حتى لا تبدأ بكتاب معقد أو يحتاج لقراءة كتب تسبقه، ثم تكره القراءة فتحجم عنها للأبد..!!


- ضع على الكتاب تاريخ اقتنائك للكتاب والمكان الذي ابتعته منه، حتى يسهل عليك تذكر مكان الشراء لو سألك عنه أحدهم. كما يمكن أن تكتب تاريخ قراءة الكتاب ومتى انتهبت منه. (تفيدك هذه الطريقة حين تعود لقراءة الكتاب مرة أخرى بعد سنوات، وتستطيع أن تعرف ما الذي تغير في أفكارك ورؤيتك للكتاب وما جاء فيه)..


- اقرأ والقلم في يدك (سواء كان قلم رصاص أو حبر أو أقلام التظليل الملونة).. وإذا كنت لا ترغب في تشويه الكتاب (سواء كان الكتاب مستعارا أو أنك تحب أن تبقي على كتبك نظيفة جدا) يمكن أن تضيف الملصقات الملونة مع القلم، حتى تكتب ملاحظة أو تعليقا على ما قرأت.. هذه الطريقة تساعدك جدا في تثبيت معلوماتك حول ما تقرأ.. قد يكون لديك سؤال، أو اعتراض على رأي الكاتب يمكنك أن تناقشه وتكتب اعتراضاتك أثناء القراءة، قد يصادفك مصطلح تسمعه لأول مرة ولا يوجد له شرح في الهامش، سيكون من الجيد أن تكتب تعريفا مبسطا لهذا المصطلح في كتابك أو في تلك الملصقات.


- يمكن أن تكتب رأيك وما استفدته من الكتاب في الصفحة الفارغة أول الكتاب أو آخره.. أو تكتب فيها بعض الاقتباسات التي أعجبتك أو الإشارة إلى أرقام صفحاتها، حتى يسهل الرجوع إليها. ومن الجيد أن تحرص على كتابة رأيك بعد الكتاب، حتى لو كان مجرد انطباعا شخصيًا، ليس بالضرورة أن تكتب قراءة نقدية وتحليلية للكتاب وأفكاره. وقد يساعدك في ذلك موقع Goodreads.com


- لتحافط على ذاكرة جيدة عند قراءة الكتاب، إذا قرأت معلومة ما أو موضوعا ما سبق وأن قرأت عنه في كتاب آخر، يمكنك الإشارة إليه وكتابة عنوان الكتاب الآخر، حتى تستطيع التذكر لاحقا بأن هذه الكتب تحدثت عن هذا الموضوع، فيسهل الرجوع إليها بعد ذلك. أو يسهل عليك توصية زميل لك بقراءة كتاب ما أو تجنبه إذا كان بعيدا عن الموضوع الذي يريد القراءة حوله.


- أهم الطرق التي تتحقق من خلالها الاستفادة من الكتاب –والتي لا تحصل كثيرًا للأسف- مناقشة ما قرأت مع مجموعة من زملائك المثقفين، سواء من قرؤوا الكتاب ذاته، أو قرؤوا كتابًا آخر في الموضوع ذاته. هذه النقاشات توسع مداركك حول موضوع الكتاب، كما أنها تبيّن لك ما قد خفي عليك، وقد تكون أنت من ينبّه زملائه على نقطة غابت عنهم عند قراءة هذا الكتاب.


قد لا يتوفر لك في بيئتك زملاء يناقشونك في الكتب التي قرأتها، لا تقلق.. فالانترنت والشبكات الاجتماعية الآن صارت شبيهة بصوالين ثقافية تشرع أبوابها على الدوام. (خصوصا الشبكة الاجتماعية الخاصة بالكتب التي أشرت لها سابقًا Goodreads )


وإذا لم تجد من يجعلك تحب القراءة من صغرك، لا تكن مثله، حاول أن تجعل القراءة عادة محببة لدى أبنائك منذ الصغر، واجعلهم أن يعتادوا رؤيتك تقرأ حتى تكون لهم قدوة في ذلك : )




ببساطة


القراءة.. أن تبدع أكثر




بقلم ابتسام المقرن @Ebtesam_M 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق